الأهمية الاجتماعية لتأهيل ذوي الحاجات الخاصة


تنطوي الإعاقة بأشكالها المختلفة على مشكلتين أساسيتين، تظهر الأولى في كونها تعيق الفرد عن أداء أدواره ووظائفه بالنسبة إلى غيره، الأمر الذي يولد في نفسه جملة من الآثار النفسية التي تباعد بين صاحب الإعاقة والمجتمع، وتنجم الثانية عن المواقف التي يتخذها الآخرون من المعوق خلال عمليات التفاعل الاجتماعي، وخاصة عندما يتم يحجم الآخرون عن الطلب إليه بأداء الأعمال التي يعتقدون أنه لا يستطيع القيام بها.وغالباً ما تختلف استجابة المعوق لهاتين المشكلتين بحسب نظرته لنفسه، ووعيه الاجتماعية وتبعاُ لمستويات تأهيله وتعليمه، فقد يجد بعض المعوقين في مواقف الآخرين نحوهم ما يعزز في وعيهم الشعور بالتحدي، وعدم الاستسلام للواقع والمشاركة الإيجابية في الحياة الاجتماعية، الأمر الذي يدفعهم إلى اكتساب المهارات المختلفة التي تؤهلهم لممارسة أدوارهم بشكل أفضل مما يتوقعه الآخرون، فيندفعون إلى التعليم والتدريب، حتى يصبح في مقدورهم ممارسة أعمال مهنية تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم في تأمين مصادر الرزق والعيش، وتعد هذه الاستجابة هي المثلى.

وقد تندفع مجموعة أخرى، وهي الأقل في مستوى وعيها الاجتماعي إلى الاستسلام لما توصف به من نقاط ضعف، واستجرار عطف الآخرين نحوها وتحقيق المكاسب المادية دون أي مقابل، إلى الدرجة التي تصبح هذه الشريحة تعتمد على غيرها اعتماداً كلياً.
وتظهر المشكلة نفسها بصورة أكثر خطورة بالنسبة إلى الأبناء في سن الطفولة، أو الفتوة والشباب، ذلك أن المشاعر والأحاسيس والعواطف والأفكار التي تسيطر على المعوق في هذه السن يمكن أن تؤثر في شخصيته مستقبلاً، وتجعل منه معاق إعاقة مزدوجة، إعاقة عضوية تحد من إمكانية ممارسة الدور الذي ينبغي أن يؤديه، وإعاقة نفسية، وهي الأكثر خطورة، لكونها تحول بينه وبين إمكانية التعلم والتدرب بالشكل الذي يضمن له اكتساب المهارات اللازمة له حتى يؤدي دوره بالشكل الأفضل.
وفي ضوء ذلك تكمن أهمية عمليات التدريب والتأهيل، وخاصة التأهيل النفسي والاجتماعي الذي تتحدد من خلاله أشكال استجابة المعوق للبيئة الاجتماعية المحيطة به، ومن ثم التأهيل المهني الذي يمكنه من ممارسة الأدوار الاجتماعية المختلفة المنوطة به على مستوى الأسرة والمجتمع.


ومن الطبيعي أن عمليات التدريب والتأهيل بشقيها النفسي والاجتماعي من جهة، والمهني من جهة أخرى تجعل ثقة المعوق بنفسه أكبر، وتصبح نظرته إلى نفسه أكثر استقراراً، أما بالنسبة إلى الأبوين فغالباً ما يقترن ذلك مع انخفاض درجات قلقهما نحوه، خاصة في ظل الظروف والأوضاع المتغيرة التي يمكن أن تحمل معها المخاطر الكثيرة التي تهدد استقرار حياته مستقبلاً، ويضاف إلى ذلك احترام الآخرين في الوسط الاجتماعي، حيث تتعزز لديهم مشاعر الاحترام والتقدير، مما يجعلهم يتفاعلون معه من باب التكافؤ والندية، المقرون بالاحترام، وليس من باب العطف والسخرية واللامبالاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق