الاعتذار سلوك اجتماعي ينطوي على معان كثيرة أهمها أنه تعبير عن احترام الفاعل للآخرين، وتقدير لما بذلوه من جهد أو عمل أو معاناة كان سبباً فيها دون أن يعود عليهم مقابل ذلك بأي نفع، وقد يكون الاعتذار عن فعل أو سلوك أوقع الأذى بهم دون وجه حق، الأمر الذي يستوجب تقديم التعويض المكافئ، إذا كان الضرر الحاصل مادياً وكبيراً، أما إذا كان الضرر معنوياً، وبسيطاً، فالحد الأدنى من التعويض هو التعويض اللفظي الذي ينطوي على الاعتراف بالخطأ من جهة، وطلب السماح من جهة أخرى.
ويأتي الاعتبار الثاني غالباً من الشعور بالفوقية، وهو بخلاف الاعتبار الأول، فالاعتداد بالنفس، والشعور بالاستعلاء، يدفع المرء في كثير من الأحيان إلى إغفال ما يمكن أن يرتكبه من أخطاء، والتقليل من أهمية الخطأ، ويقترن هذا الشعور بالتقليل من أهمية الآخر في الوقت نفسه، فالآخر بالنسبة إلى الفاعل، في هذه الحالة، لا يحظى بالتقدير الاجتماعي المكافئ الذي يوجب الاعتذار، مما يدفع بصاحب هذه الشخصية إلى أن يتفاعل مع الآخرين بطريق مختلفة، فحيث تكون حاجته إلى الآخر، وحيث يشعر بأن الآخر يفوقه اجتماعياً، يمكن عندئذ أن يقدم له الاعتذار عن أدنى خطأ، ليس احتراماً، إنما سعياً للمحافظة على مصلحة ما، وحيث تنفي الحاجة إلى الآخر تنفي أيضاً إمكانية الاعتذار لإمكانية الاستغناء، ولما كان خير الأمور أوسطها، فالاعتذار الذي ينطوي على احترام الآخر هو لا شك أفضل أنواع الاعتذار لما ينطوي عليه من استقرار نفسي واجتماعي، ولما ينطوي عليه من نضوج في الشخصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق