المشاركة الاجتماعية للأسرة في العملية التنموية



تكمن أهمية مشاركة الأسرة في العملية التنموية فيما تقدمه من إسهامات تتعزز من خلالها أدوار المؤسسات الأخرى والقطاعات المختلفة، الثقافية منها والصحية والتعليمية والصناعية والتجارية .. ففيها تتشكل الملامح العامة لشخصية الفرد، والتي تحدد أشكال تفاعله مع البيئة والمحيط الاجتماعي طيلة المراحل التالية من حياته، فبالإضافة إلى أمن الإنسان هو الهدف الأساسي للعملية التنموية في المجالات المختلفة، فهو الأساس الذي تبنى عليه هذه الفعاليات المتعددة أيضاً.
إن فعالية المؤسسات التربوية والصحية والثقافية، وكذلك المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية مرتبطة ارتباطاُ وثيقاً بالإنسان الذي يعد الأساس في عملها من جهة، وهدفها من جهة ثانية، ولهذا من الطبيعي أن يأتي أداء هذه المؤسسات مرتبط بالملامح العامة التي تصف أفراد المجتمع في كل مرحلة من مراحل تطوره.

ففي مجال التعليم، يلاحظ أن نجاح العملية التربوية مرتبط بالدرجة الأولى بالخصائص العامة التي تصف العاملين في هذا المجال من جهة، وبالخصائص العامة التي تصف الجمهور المستفيد (الأبناء) من جهة أخرى، فإذا جاءت الخصائص العامة لكل من العاملين الذين يشكلون الأساس في العملية التعليمية، وللأبناء الراغبين في عملية التعليم متكاملة ومترابطة، كان الأداء الوظيفي للعملية التربوية عالياً، وإذا لم تكن الخصائص العامة للعاملين في الحقل التربوي مترابطة ومتكاملة مع الخصائص العامة للأبناء فمن الطبيعي أن يأتي الأداء الوظيفي لهذا القطاع ضعيفاً.

وما ينطبق على قطاع التعليم يندرج على القطاعات الأخرى في المجتمع، وفي ذلك تكمن أهمية الأسرة التي تشارك هذه القطاعات في أدوارها من خلال ما تعززه في شخصية الأبناء من قيم وأخلاق وعادات وتقاليد يمكن أن تشكل الأساس في نشاط المؤسسات وفعالياتها، مما يجعل الإسهام الذي تقدمه الأسرة للقطاعات الأخرى بمثابة الأساس الذي تقوم عليه عملية تنمية الموارد البشرية في المجتمع عامة، فهي تهيئ الأفراد لأن يصبحوا أعضاء فيه عندما يتمثلون قيمه وعاداته وتقاليده، وإذا ما فشلت الأسرة في أداء وظيفتها فغالباً ما يظهر ذلك في المواقع التي يشغلها الفرد في المؤسسات التي يعمل فيها خلال الفترات التالية من حياته، فالفشل الوظيفي للأسرة يجعل الأفراد متباينين في اتجاهاتهم وقيمهم وأفكارهم، مما التعاضد بينهم ضعيفاً، والترابط معدوم، وسرعان ما تصبح المؤسسات التي ينتمي إليها الأفراد عاجزة عن أداء وظيفتها أيضاً.

وفي ضوء ذلك تكمن أهمية التحليل الموضوعي لدراسة الدور الذي تؤديه الأسرة في تنمية الموارد البشرية وتنمية المجتمع عامة، من خلال ما تعززه في شخصية الأبناء من قيم وأخلاق اجتماعية وعادات وتقاليد وأفكار منسجمة مع بعضها، ومترابطة في مضمونها.

إن الدور الذي تقوم به الأسرة يشكل الأساس الذي تبنى عليه الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية التالية، فإذا استطاعت الأسرة أن تسهم في التكوين الأخلاقي والاجتماعي والإنساني للأفراد فإنها تقدم للمؤسسات الأخرى مورداً بشرياً قادراً على يتفاعل معها تفاعلاُ إيجابياً وبناءاً، الأمر الذي يساعد في نجاح عمل هذه المؤسسات، ويجعل منها عنصراً أساسياً من عناصر التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، أما عندما تفشل الأسرة في أداء وظيفتها التربوية بالشكل المطلوب، فإن اتجاهات الأفراد ومشاعرهم وأحاسيسهم نحو القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية تأتي متباينة ومتناقضة، وغالباً ما يمتد ذلك إلى المؤسسات التي يلتحق بها هؤلاء الأفراد، فالموارد البشرية التي تفد القطاعات الأخرى تأتي إليها باتجاهات متباينة ومختلفة، وقد تكون متنافرة في كثير من الأحيان، وتأتي بشكل لا تستطيع معها التكيف مع شروط هذه المؤسسات، الأمر الذي يعيق عمل المؤسسات على نحو بالغ، وقد تصبح معيقة للعملية التنموية عندما تسيطر عليها المتناقضات والصراعات الاجتماعية الناجمة عن تنوع الاتجاهات والقيم وأنماط السلوك الاجتماعي التي يتصف بها الوافدون الجدد.

وفي ضوء هذا التصور تكمن أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه الأسرة في العملية التنموية، وفي مشاركتها في العملية التنموية جنباُ إلى جنب مع المؤسسات الأخرى والقطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية والإنتاجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق